تُعدّ محطة المعالجة في شركة فولاد كوير واحدة من أكثر الوحدات الصناعية تطورًا في مجال معالجة مياه الصرف في إيران، إذ جرى تصميمها وتشغيلها بهدف توفير إمدادات مائية مستدامة لخطوط الإنتاج. وتعتمد هذه المنشأة على تقنيات حديثة لتحويل مياه الصرف البلدية إلى مياه عالية الجودة صالحة للاستخدام في العمليات الصناعية، بما يُلغي الحاجة إلى استخراج المياه الجوفية.

نشأ مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) في أوائل القرن العشرين بالتزامن مع النمو السريع للصناعات. وبحلول ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، دخل هذا المفهوم رسميًا إلى هياكل الأعمال بوصفه مؤشرًا رئيسيًا للأداء. وفي إيران، بدأ الفهم الحديث للمسؤولية الاجتماعية يتبلور منذ العقد الأول من الألفية الجديدة، ما أدى إلى توسّع المبادرات المرتبطة بها. إلا أنّ هذا المفهوم في إيران كثيرًا ما ابتعد عن معناه الحقيقي. ويعود جوهر هذا الانحراف إلى سوء فهم أساسي يتمثّل في اعتقاد العديد من الشركات بأن تنفيذ بعض الأنشطة الخيرية أو الدعائية يكفي للوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية. بينما الحقيقة أن المسؤولية الاجتماعية الحقيقية تتطلّب تحوّلًا جذريًا في أسلوب إدارة الأعمال، وتغييرًا في السلوك المؤسسي بحيث لا تقتصر القيمة المتحققة على الجانب الاقتصادي، بل تمتد لتشمل منفعة المجتمع والصالح العام.

يعمل مشروع صناعة الصلب في شركة فولاد كوير، من خلال توظيف تقنيات حديثة ومعدات متقدمة، على ترسيخ أسلوب صناعي مبتكر لتأمين المياه يقلّل إلى أدنى حد من استهلاك المياه في عمليات تبريد العمليات الصناعية وإعادة التدوير. وتمثل هذه التكنولوجيا—التي تعتمد على مبردات أديباتية تُستخدم للمرة الأولى في صناعة الصلب الإيرانية—خطوة نوعية في مسار التزام الشركة بالمسؤولية الاجتماعية، ولا سيما في حماية الموارد الحيوية مثل المياه. تعتمد هذه التكنولوجيا المتقدمة على مزيج من التبريد الجاف والتبريد التبخيري ضمن نظام مغلق. وعلى عكس الأنظمة المفتوحة، حيث تخرج المياه المستخدمة في التبريد من الدورة بعد تبادل الحرارة، تقوم أنظمة التبريد ذات الدائرة المغلقة بإعادة تدوير المياه بشكل مستمر داخل حلقة محكمة التحكم. ويسهم هذا التصميم في تقليل فاقد المياه بشكل كبير وخفض الاستهلاك الإجمالي بصورة ملحوظة.