التقدّم على أساس المعايير العالمية
المسؤولية الاجتماعية في فولاد كوير: حماية المياه والهواء والمستقبل
نشأ مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) في أوائل القرن العشرين بالتزامن مع النمو السريع للصناعات. وبحلول ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، دخل هذا المفهوم رسميًا إلى هياكل الأعمال بوصفه مؤشرًا رئيسيًا للأداء. وفي إيران، بدأ الفهم الحديث للمسؤولية الاجتماعية يتبلور منذ العقد الأول من الألفية الجديدة، ما أدى إلى توسّع المبادرات المرتبطة بها.
إلا أنّ هذا المفهوم في إيران كثيرًا ما ابتعد عن معناه الحقيقي. ويعود جوهر هذا الانحراف إلى سوء فهم أساسي يتمثّل في اعتقاد العديد من الشركات بأن تنفيذ بعض الأنشطة الخيرية أو الدعائية يكفي للوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية. بينما الحقيقة أن المسؤولية الاجتماعية الحقيقية تتطلّب تحوّلًا جذريًا في أسلوب إدارة الأعمال، وتغييرًا في السلوك المؤسسي بحيث لا تقتصر القيمة المتحققة على الجانب الاقتصادي، بل تمتد لتشمل منفعة المجتمع والصالح العام.
وانطلاقًا من فهم واضح لمبادئ المسؤولية الاجتماعية، اتخذت فولاد كوير خطوات عملية وجادّة لإصلاح وتحسين عملياتها الإنتاجية. ففي إطار الإدارة المسؤولة للموارد المائية في خطوط الإنتاج الحالية، وحماية الهواء في مشاريعها التطويرية، نفّذت الشركة مبادرات جريئة ومدروسة وطوعية، أسفرت عن مشاريع تحوّلية واسعة النطاق في صناعة الصلب الإيرانية.
وبعد سنوات قليلة من بدء التشغيل في عام 2007، طوّرت فولاد كوير أنظمة لإعادة تدوير المياه وتحلية المياه المالحة، ما أدى إلى خفض كبير في استهلاك المياه. ومع ذلك، وفي عام 2016، وبعد دراسات موسّعة واتخاذ قرار استراتيجي محوري، ألغت الشركة اعتمادها بالكامل على مصادر المياه الجوفية من خلال إنشاء محطة متقدمة لمعالجة مياه الصرف الصحي. واليوم يتم تأمين المياه المطلوبة للمصنع عبر معالجة مياه الصرف البلدية. وبفضل المستوى التقني العالي المستخدم وجودة المخرجات الاستثنائية، نجح نظام إعادة تدوير مياه الدرفلة—الذي تضاعفت طاقته ثلاث مرات—في تقليل استهلاك المياه إلى الثلث.
إضافةً إلى ذلك، تعمل فولاد كوير في مشروع صناعة الصلب على تنفيذ نظام متطور للغاية لإمدادات المياه قائم على دائرة مغلقة، من شأنه أن يقلّل بشكل كبير من استهلاك المياه في عملية إنتاج الصلب. وعلى الصعيد البيئي، يضم المشروع أيضًا نظامًا حديثًا لاستخلاص الأبخرة (FES) مزوّدًا بأحدث التقنيات العالمية، يخفّض مستويات الانبعاثات إلى أكثر من ستة عشر ضعفًا دون الحدود البيئية المسموح بها.
إن المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تقتصر على المساهمات المالية، بل يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من البنية الأساسية والاستراتيجيات طويلة الأمد للمؤسسات. فالواقع يؤكد أن المسؤولية الاجتماعية التزام مستدام ومنهجي، لا مبادرة مؤقتة أو إجراءً شكليًا. وإلا فإن المجتمع لن يجني الفائدة المرجوّة، بل ستتعرّض أسس استدامة الأعمال نفسها للخطر.




